الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية نقاط قوة وضعف حكومة الشاهد تحت الـمـجهر رهان على الشباب... ولكن حذار من حرب المصالح والأحزاب

نشر في  24 أوت 2016  (11:18)

 مازالت ثلاثية الاستحسان والنقد والانتظار قائمة بشأن تركيبة حكومة يوسف الشاهد بعد مرور 5 أيام على الإعلان الرسمي عنها وسط ترقب ومتابعة مستمرة من قبل جميع الأطياف، وللتذكير فإن حكومة الشاهد ضمّت 26 وزارة و14 كتابة دولة وكان العنصر الشبابي والنسائي فيها حاضرا بقوة..
 ولعل تركيبتها الموسعة التي جمعت أغلب ألوان الطيف السياسي والإيديولوجي (إسلامي ويساري) تتأرجح اليوم بين ميزان شق أعرب عن استنكاره لتسمية بعض الوجوه الوزارية معتبرا أنها ستشكل نقطة ضعف كبرى لن تستطيع بها الحكومة أن تتماسك وتنجح في مأموريتها، وبين شق آخر أكد أن هذه التشكيلة الحكومية مثالية من حيث ضمّها لكفاءات شبابية  دون الـ34 سنة زد على ذلك تعزيز مكانة المرأة فيها بصفة ملحوظة حيث تم تسجيل تعيين 6 وزيرات إلى جانب كاتبتي دولة..
وفي انتظار الكشف عما ستأتي به الأيام القادمة إلى حين انعقاد جلسة المصادقة على حكومة الشاهد،  بادرت أخبار الجمهورية بالاتصال بوجوه متابعة للشأن السياسي لرصد قراءتها الأولية في تركيبة الفريق الوزاري الجديد ومعرفة نقاط القوة والضعف فيه..

أحمد ونيس.. الحكومة جاءت لمعالجة نقاط الضعف

في حديثه عن تركيبة حكومة الشاهد ورؤيته لنقاط القوة والضعف فيها، اعتبر الدبلوماسي والسياسي أحمد ونيس أن هذه الحكومة مجعولة بالأساس لمعالجة مختلف نقاط الضعف خاصة تلك المتمثلة في «الورثة» التي خلفتها الترويكا والحكومات المتعاقبة بعدها والتي لم تستطع استيفاء المطلوب منها لمعالجة هموم البلاد لانصرافهم في متابعة القضايا اليومية عوض أخذ القرارات الحازمة للإصلاح..
في المقابل أفاد ونيّس انه يرى من وجهة نظره أوجه القوة في حكومة الشاهد عبر إيمانه بقدرة هذه التشكيلة التي وصّفها بالمنسجمة على معالجة ومجابهة مختلف القضايا الحارقة المطروحة واتخاذ القرارات الضرورية مهما كانت صعبة وموجعة..
واعتبر الدبلوماسي احمد ونيس انّه من الضروري الأخذ بيد هذه الحكومة ومساندتها للتخلص من مختلف المآزق الراهنة وابتعاد الأطياف الحزبية على المزايدات والانتقادات التي من شأنها تعطيل مصلحة البلاد..
في نهاية مداخلته جدّد ونيّس قوله انه له ثقة كبير في هذه الحكومة خاصة أن لها تركيبة محكمة منسجمة ضمت العديد من الكفاءات الشبابية والنسوية التي من شأنها طمأنة التونسيين..

صلاح الدين الجورشي: الشاهد أفلح في إضافته لعناصر من اليسار

أمّا المحلل السياسي والكاتب صلاح الدين الجورشي فقد صرّح أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد حاول أن يلتزم بالشروط أو المواصفات العامة التي حدّدها في البداية لتشكيل حكومته، معتبرا أن الأخيرة راعت مقومات «التشبيب» ووجود المرأة بشكل بارز داخلها ناهيك عن محاولة اشراك أوسع نطاق ممكن للأحزاب المشاركة في المفاوضات..
وتابع الجورشي قوله إن الشاهد أضاف زيادة على المقومات المذكورة  ما اعتبرها عناصر  هامة  في نظره رغم كل الضجة المثارة حاليا حولها، عناصر تنتمي إلى دائرة اليسار بما في ذلك شخصية معروفة في تاريخ الوطنيين الديمقراطيين ويقصد بالقول عبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد..
وأضاف محدّثنا أن انفتاح رئيس الحكومة على كل من البريكي وسمير بالطيب وزير الفلاحة يعتبر عاملا إيجابيا كما أن استجابتهما لهذا الاختيار أي الدخول في الحكومة كان موقفا جريئا ومهما في هذه المرحلة على حد تعبيره.
واعتبر الجورشي في ذات السياق أن استمرار الصراع الايديولوجي والسياسي دون سقف بين حركة النهضة من جهة واليسار من جهة أخرى لا يرى فيه أي فائدة للطرفين وأيضا للبلاد، قائلا انه يمكن لهذه العلاقة أن تفشل لكن مع ذلك يعتقد بأن العمل المشترك داخل مؤسسة الدولة وتحديدا الحكومة من شأنه أن يكون في صالح الثقافة الديمقراطية..
في ختام مداخلته مع أخبار الجمهورية، شدّد المحلل السياسي على أن التحدي الرئيسي يتمثل في البرنامج والاختيارات السياسية والاقتصادية التي ستنفذها هذه الحكومة لأن هذه الاختيارات هي التي ستحدد مدى قدرتها وستوضّح مستقبلها..

عبد اللطيف الحناشي: لاول مرة في تاريخنا تتكوّن حكومة بهذه الشاكلة

وفي الحديث عن ذات الشأن أكد المحلل السياسي والمؤرخ الاستاذ عبد اللطيف الحناشي أن هذه الحكومة قد جاءت بعد مخاض عسيرة ومن الظاهر خضوع يوسف الشاهد إلى ضغوطات متنوعة حزبية بالأساس، إضافة لبعض مراكز القوى ذات النفوذ المالي والتأثير على القرار السياسي في البلاد إضافة لضغوطات أخرى «تقليدية» وفق تعبيره..
ومن هذا المنطلق اعتبر الحناشي أنه لم يكن من السهل أن تتشكل حكومة تحاول إرضاء عدة أطراف متباينة الأفكار والمصالح، مشيرا إلى أن ما يميزها هو أنها ضمت لأول مرة في تاريخ تونس المعاصر والراهن نحو 7 أحزاب ذات مشارب فكرية وسياسية مختلفة وبتمثيلية متباينة لكنها محدودة على مستوى الوزراء.
 كما ثمّن محدثنا ضمّ حكومة الشاهد وزيرين محسوبين على الاتحاد العام التونسي للشغل تحمّلا المسؤولية في المركزية النقابية لأكثر من دورة، قائلا أنهما كانا من الفاعلين في جميع المراحل سواء في المركزية النقابية وعملا بعد انتهاء مهامهما في المركزية وبترشيح من الاتحاد في منظمة العمل العربي (البريكي في بيروت) وفي المكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للعمل بالقاهرة بالنسبة للطرابلسي.
هذا إلى جانب ضمّها لعدد مهم من الشخصيات المستقلة سواء الناشطة في المجتمع المدني أو التي لها تجربة في منظمات دولية وإقليمية، ولأول مرة في تاريخ تونس تكون حكومة جامعة لـ8 نساء وعدد هام من الشباب...
وأضاف قائلا انه من ايجابيات هذه الحكومة ان حافظت على بعض الوزراء الذين عملوا مع حكومة الصيد كوزير الداخلية والتربية الذي باشر مشروع  إصلاح القطاع التعليمي..
مقابل ذلك لاحظ الأستاذ الحناشي أن هذه الحكومة قد ضمت عددا كبيرا من الوزراء وكتاب الدولة، وهو ما يشير إلى رغبة الأحزاب في المشاركة وقد كان بالإمكان تحجيم عددها وتقليص الوزارات وكتابات الدولة عن طريق الدمج وان كان ذلك على حساب بعض الأحزاب أو الشخصيات المستقلة.
كما ساق ملاحظته في ذات السياق حول وجود بعض الوزراء وكتاب الدولة في وزارات لا علاقة لها بمجال اختصاصهم المهني أو العلمي أو اهتماماتهم، معتبرا انه كان من الأجدر أن يكون للوزير خلفية ومعرفة دقيقة باختصاص وزارته رغم أن الوزارة هي بالأساس منصب سياسي ..
وفي خلاصة مداخلته أكد الحناشي إن الوقت لم يحن بعد لتقييم هذه الحكومة إلا بعد مباشرتها لمهامها وتتبع مدى وفائها للبرنامج العام للحكومة، وكيفية إدارة الوزراء لوزاراتهم وطريقة معالجتهم للمشاكل العامة ذات العلاقة بوزاراتهم وبالبلاد عامة..

أيمن البجاوي : لا مجال لارتكاب الأخطاء..

من جهته أفاد أيمن البجاوي عضو اللجنة التنفيذية لحركة مشروع تونس أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد حاول في فترة تكوينه لفريق حكومته إشراك أغلب الأحزاب المجتمعة حول ما سميّ باتفاق قرطاج إلى جانب عدد كبير من الوجوه السياسية والنقابية المعروفة، مشيرا إلى انّ تعزيز مكانة المرأة في حكومة الشاهد إلى جانب ضمّها لكفاءات شبابية يعتبر خطوة إيجابية تحسب لرئيسها..
في المقابل اعتبر البجاوي أن مدى تقيد هذه الحكومة بما جاء في وثيقة قرطاج المتفق عليها ومدى قدرتها على محاربة لوبيات الفساد والإحكام عليها بقبضة من حديد هو الذي سيحدد نقاط الضعف من القوة فيها، متطرقا في ذات السياق إلى مسألة التخوف من تحويل أو تصدير الأزمة الحزبية إلى الحكومة خاصة في ظلّ الأزمة الحالية «النيابية» التي تعيشها حركة نداء تونس والتي أعرب العديد من نوابها عن معارضتهم لبعض الوجوه الوزارية المكلفة إلى جانب تسجيل استقالات في صفوفهم نتيجة لذلك..
هذا علاوة على سعي بعض الأطراف السياسية إلى الضغط على يوسف الشاهد من اجل دفعه إلى إجراء تحوير في التركيبة الحكومية قبل انعقاد جلسة المصادقة بمجلس الشعب، زد على ذلك التصريحات المتضاربة في صفوف حركة آفاق تونس بشأن هذه الحكومة على حد تعبيره..
في المقابل أعاد أيمن البجاوي الحديث عن الشعارات التي لطالما رفعتها حركة مشروع تونس حتى قبل تكوين حكومة الشاهد والمتمثلة في دعوتها ومطالبتها أن تكون هناك وحدة حول الحكومة وليس حكومة وحدة وطنية، خاصة في ظل هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش والصعب الذي لا يتحمل المزيد من تعميق الأزمات السياسية وحدوث الأخطاء..
وشدّد البجاوي على انّ حركة مشروع تونس أعلنت منذ البداية عن عدم تمسكها لا بالكراسي ولا بالمناصب بل أنها جاءت من أجل خدمة الوطن وحتى تكون صمام أمان له، قائلا إن الحركة حتى وان اختارت طريق المعارضة فإنها ستكون معارضة نقدية بناءة وليست هدامة قائمة على النقد فحسب..

إعداد: منارة تليجاني